فصل: لَقَب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الفقهية الكويتية ****


لَعِب

التّعريف

1 - اللَّعِب - بفتح اللام وكسر العين ويجوز لِعْب بكسر اللام وسكون العين - في اللغة‏:‏ ضد الجدّ‏,‏ يقال‏:‏ لعب فلانٍ إذا كان فعله غير قاصدٍ به مقصداً صحيحاً‏,‏ ومنه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ الََلاعِبِينَ‏}‏‏,‏ ولعب‏:‏ عمل عملاً لا يجدي نفعاً‏,‏ واللّعبة‏:‏ كل ما يلعب به‏,‏ وهو بكسر اللام اسم للحال والهيئة الّتي يكون اللاعب عليها‏,‏ وبالفتح المرّة الواحدة‏.‏

وقيل‏:‏ اللّعب عمل للّذّة لا يراعى فيه داعي الحكمة كعمل الصّبيّ‏,‏ لأنّه لا يعرف الحكمة وإنّما يعمل للّذّة‏.‏

ولا يخرج معناه الاصطلاحي عن معناه اللغويّ‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

اللّهو‏:‏

2 - اللّهو في اللغة‏:‏ السلوان‏,‏ والتّرويح عن النّفس بما لا تقتضيه الحكمة‏,‏ وهو أيضاً‏:‏ ما يشغل الإنسان عمّا يعنيه أو يهمه من هوىً وطربٍ ونحوهما‏.‏

والفرق بين اللّهو واللّعب أنّه لا لهو إلا وهو لعب‏,‏ وقد يكون لعب ليس بلهو‏,‏ لأنّ اللّعب يكون للتّأديب كاللّعب بالشّطرنج وغيره‏,‏ ولا يقال لذلك لهو‏,‏ وإنّما اللّهو لعب لا يعقب نفعاً‏.‏

الحكم التّكليفي

3 - اللّعب منه ما هو مباح ومنه ما هو مستحب ومنه ما هو مكروه ومنه ما هو محرّم‏.‏ فمن اللّعب المباح المسابقة المشروعة على الأقدام والسفن ونحو ذلك‏,‏ لأنّ «النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان في سفرٍ مع عائشة رضي الله عنها فسابقته على رجلها فسبقته قالت‏:‏ فلمّا حملتُ اللّحم سابقته فسبقني فقال‏:‏ هذه بتلك السّبقة»‏.‏

وإباحة اللّعب إنّما يكون بشرط أن لا يكون فيه دناءة يترفّع عنها ذوو المروءات‏,‏ وبشرط أن لا يتضمّن ضرراً فإن تضمّن ضرراً لإنسان أو حيوانٍ كالتّحريش بين الديوك والكلاب ونطاح الكباش والتّفرج على هذه الأشياء فهذا حرام‏,‏ وبشرط أن لا يشغل عن صلاةٍ أو فرضٍ آخر أو عن مهمّاتٍ واجبةٍ فإن شغله عن هذه الأمور وأمثالها حرم‏,‏ وبشرط أن لا يخرجه إلى الحلف الكاذب ونحوه من المحرّمات ومن اللّعب المباح المزاح والانبساط مع الزّوجة والولد ليعطي الزّوجة والنّفس والولد حقّهم‏.‏

ومن اللّعب المستحبّ المناضلة على السّهام والرّماح والمزاريق وكل نافعٍ في الحرب لقول اللّه سبحانه وتعالى‏:‏ ‏{‏وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ‏}‏‏,‏ وقال النّبي صلى الله عليه وسلم في تفسير القوّة في الآية‏:‏ «ألا إنّ القوّة الرّمي ثلاث مرّاتٍ»‏.‏

والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏سباق ف 5 وما بعده‏)‏‏.‏

ومن اللّعب المكروه اللّعب بالطّير والحمام لأنّه لا يليق بأصحاب المروءات والإدمان عليه قد يؤدّي إلى إهمال المصالح ويشغل عن العبادات والطّاعات‏.‏

ومن اللّعب المحرّم عند الفقهاء‏:‏ كل لعبةٍ فيها قمار لأنّها من الميسر الّذي أمر اللّه باجتنابه في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ، إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ‏}‏‏.‏

اللّعب بالنّرد والشّطرنج

أ - اللّعب بالنّرد‏:‏

4 - اللّعب بالنّرد محرّم عند جمهور الفقهاء من الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة على الصّحيح عندهم والحنابلة لحديث النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «من لعب بالنّردشير فكأنّما صبغ يده في لحم خنزيرٍ ودمه»‏.‏

ومقابل الصّحيح عند الشّافعيّة أنّه يكره اللّعب بالنّرد كما يكره الشّطرنج عندهم‏.‏

ب - اللّعب بالشّطرنج‏:‏

5 - أجمع المسلمون على أنّ اللّعب بالشّطرنج حرام إذا كان على عوضٍ أو تضمّن ترك واجبٍ مثل تأخير الصّلاة عن وقتها‏,‏ وكذلك إذا تضمّن كذباً أو ضرراً أو غير ذلك من المحرّمات‏.‏

أمّا إذا لم يكن كذلك فاختلف الفقهاء على أقوالٍ‏:‏

المذهب عند المالكيّة والحنابلة وهو اختيار الحليميّ والروياني من الشّافعيّة حرمة اللّعب بالشّطرنج مطلقاً‏.‏

وممّن قال بالتّحريم‏:‏ علي بن أبي طالبٍ وابن عمر وابن عبّاسٍ رضي الله عنهم وسعيد بن المسيّب والقاسم وسالم وعروة ومحمّد بن الحسين ومطر الورّاق‏,‏ واستدلوا بأثر عليٍّ رضي الله عنه أنّه مرّ بقوم يلعبون بالشّطرنج فقال‏:‏ ما هذه التّماثيل الّتي أنتم لها عاكفون ‏؟‏ لأن يمسّ جمراً حتّى يطفى خير من أن يمسّها‏.‏

وروى مالك بلاغاً أنّ ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما ولي مال يتيمٍ فوجدها فيه فأحرقها‏.‏

كما استدلوا بالقياس على النّرد‏,‏ بل إنّ الشّطرنج شر من النّرد في الصّدّ عن ذكر اللّه وعن الصّلاة وهو أكثر إيقاعاً للعداوة والبغضاء‏,‏ لأنّ لاعبها يحتاج إلى إعمال فكره وشغل خاطره أكثر من النّرد‏,‏ ولأنّ فيهما صرف العمر إلى ما لا يجدي‏,‏ إلا أنّ النّرد آكد في التّحريم لورود النّصّ بتحريمه ولانعقاد الإجماع على حرمته مطلقاً‏.‏

والمذهب عند الحنفيّة والشّافعيّة وهو قول عند المالكيّة أنّ اللّعب بالشّطرنج مكروه‏.‏

ومأخذ الكراهة أنّه من اللّهو واللّعب وجاء في حديث جابر بن عميرٍ رضي الله عنه عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ «كل شيءٍ ليس من ذكر اللّه عزّ وجلّ فهو لهوٌ أو سهوٌ إلا أربع خصالٍ‏:‏ مشي الرّجل بين الغرضين ، وتأديبه فرسه ، وملاعبة أهله ، وتعلم السّباحة»‏.‏

وفي حديث عقبة بن عامرٍ الجهنيّ رضي الله عنه عن الرّسول صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ «ليس من اللّهو ثلاثة‏:‏ تأديب الرّجل فرسه ، وملاعبته زوجه ، ورميه بنبله عن قوسه»‏.‏

وقيّد الشّافعيّة قولهم بأن يكون لعب الشّطرنج مع من يعتقد حلّه وإلا كان حراماً‏,‏ لأنّ فيه إعانةً على معصيةٍ لا يمكن الانفراد بها‏.‏

ومأخذ الكراهة كذلك أنّه يلهي عن الذّكر والصّلاة في أوقاتها الفاضلة‏,‏ وقد يستغرق لاعبه في لعبه حتّى يشغله عن مصالحه الأخرويّة‏.‏

وذهب أبو يوسف وهو قول عند الشّافعيّة وقول عند المالكيّة إلى إباحة اللّعب بالشّطرنج لما فيه من شحذ الخواطر وتذكية الأفهام ولأنّ الأصل الإباحة ولم يرد بتحريمه نص ولا هو في معنى المنصوص عليه‏,‏ وقيّد المالكيّة قولهم بالإباحة بألا يلعبه مع الأوباش في الطّريق بل مع نظائره في الخلوة بلا إدمانٍ وترك مهمٍّ ولهوٍ عن عبادةٍ‏.‏

ويخالف الشّطرنج النّرد في أمرين‏:‏

الأوّل‏:‏ أنّ المعوّل في النّرد ما يخرجه اللعبان فهو يعتمد على الحزر والتّخمين المؤدّي إلى غايةٍ من السّفاهة والحمق فأشبه الأزلام‏.‏

والمعوّل في الشّطرنج على الحساب الدّقيق والفكر الصّحيح وعلى الحذق والتّدبير فأشبه المسابقة بالسّهام‏.‏

الثّاني‏:‏ أنّ في الشّطرنج تدبير الحرب فأشبه اللّعب بالحراب والرّمي بالنشّاب والمسابقة بالخيل‏.‏

ونقل القول بالإباحة عن أبي هريرة رضي الله عنه وسعيد بن المسيّب وسعيد بن جبيرٍ ومحمّد بن المنكدر ومحمّد بن سيرين وعروة بن الزبير وابنه هشامٍ وسليمان بن يسارٍ والشّعبيّ والحسن البصريّ وربيعة وعطاءٍ‏.‏

شهادة اللاعب بالنّرد والشّطرنج

6 - من تكرّر منه اللّعب بالنّرد لم تقبل شهادته سواء لعب به قماراً أو غير قمارٍ‏.‏

قال مالك‏:‏ من لعب بالنّرد والشّطرنج فلا أرى شهادته طائلةً‏,‏ لأنّ اللّه سبحانه وتعالى قال‏:‏ ‏{‏فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ‏}‏ وهذا ليس من الحقّ فيكون من الضّلال‏.‏

وقال المالكيّة‏:‏ من باشر لعبها ولو مرّةً لا تقبل شهادته‏.‏

وأمّا لاعب الشّطرنج فقد أجمع المسلمون على ردّ شهادته في الأحوال الّتي يحرم لعبها إجماعاً‏,‏ وذلك للإجماع على فسقه فيها‏.‏

وفيما عدا ذلك فللفقهاء أقوال بحسب أقوالهم في إباحة الشّطرنج أو تحريمه‏:‏

فذهب المالكيّة إلى أنّ شهادة لاعب الشّطرنج لا تسقط إلا عند الإدمان عليها لأنّ المدمن لا يخلو من الأيمان الحانثة والاشتغال عن العبادة‏.‏

وذهب الشّافعيّة إلى أنّه لا ترد شهادة لاعب الشّطرنج إلا إذا اقترن بقمار أو فحشٍ أو إخراج صلاةٍ عن وقتها عمداً وترد شهادته بذلك المقارن‏.‏

وذهب الحنابلة إلى عدم قبول شهادة لاعب الشّطرنج مطلقاً لتحريمه وإن عري عن القمار‏,‏ وهو مقيّد عندهم بأن يكون لاعبه غير مقلّدٍ في إباحته فإن قلّد من يرى حلّه لم تردّ شهادته‏.‏

وذهب الحنفيّة إلى ردّ شهادة لاعب الشّطرنج بواحد ممّا يلي‏:‏ إذا كان عن قمارٍ أو فوّت الصّلاة بسببه أو أكثر من الحلف عليه أو اللّعب به على الطّريق أو ذكر عليه فسقاً‏.‏

وإنّما لم تردّ شهادته مطلقاً لشبهة الاختلاف في إباحته‏.‏

لُعْبة

انظر‏:‏ لعب‏,‏ تصوير‏.‏

لَعْن

التّعريف

1 - اللّعن في اللغة‏:‏ الإبعاد والطّرد من الخير‏,‏ وقيل الطّرد والإبعاد من اللّه‏,‏ ومن الخلق‏:‏ السّب والدعاء‏,‏ وكانت العرب في الجاهليّة تحيّي ملوكها‏:‏ ‏"‏ أبيت اللّعن ‏"‏ ومعناه‏:‏ أبيت أيها الملك أن تأتي ما تلعن عليه‏.‏

ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغويّ‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

السّب‏:‏

2 - السّب لغةً واصطلاحاً هو‏:‏ الشّتم‏,‏ وهو مشافهة الغير بما يكره وإن لم يكن فيه حد‏.‏ قال العز بن عبد السّلام‏:‏ اللّعن أبلغ في القبح من السّبّ المطلق‏.‏

الأحكام المتعلّقة باللّعن

من يجوز لعنه ومن لا يجوز

3 - لا خلاف بين الفقهاء في أنّ الدعاء على المسلم المصون باللّعن حرام‏.‏

أمّا المسلم الفاسق المعيّن فقد اختلفت فيه أقوال الفقهاء‏:‏

فالمذهب عند الحنفيّة والشّافعيّة وهو المذهب عند الحنابلة وهو قول ابن العربيّ من المالكيّة‏,‏ أنّه لا يجوز لعنه لما ورد عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «أنّه أتى بشارب خمرٍ مراراً فقال بعض من حضره‏:‏ اللّهمّ العنه ما أكثر ما يؤتى به ، فقال النّبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ فواللّه ما علمت أنّه يحب اللّه ورسوله»‏.‏

وفي قولٍ عند الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة أنّه يجوز لعن الفاسق المعيّن لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يدعو على أحدٍ أو لأحد قنت بعد الركوع‏,‏ كان يقول في بعض صلاة الفجر‏:‏ «اللّهمّ العن فلاناً وفلاناً لأحياء من العرب»‏.‏

وقال القرطبي وابن حجرٍ‏:‏ إنّه لا يجوز لعن من أقيم عليه الحد لأنّ الحدّ قد كفّر عنه الذّنب‏,‏ ومن لم يقم عليه الحد فيجوز لعنه سواء سمّي أو عيّن أم لا‏,‏ لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم لا يلعن إلا من تجب عليه اللّعنة ما دام على تلك الحالة الموجبة للّعن‏,‏ فإذا تاب منها وأقلع وطهّره الحد فلا لعنة تتوجّه عليه‏.‏

4 - ويجوز لعن غير المعيّنين من الكفّار والمسلمين العصاة لما ورد‏:‏ أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ لعن الواصلة والمستوصلة‏,‏ ولعن آكل الرّبا‏,‏ ولعن المصوّر‏,‏ وقال‏:‏ «لعن اللّه من غيّر منار الأرض»‏,‏ ولعن رعلاً وذكواناً وعصيّة‏,‏ وهذه الثّلاثة قبائل من العرب‏,‏ ولعن اليهود والنّصارى‏,‏ لأنّ المراد‏:‏ الجنس لا الأفراد وفيهم من يموت كافراً‏.‏ ويكون اللّعن لبيان أنّ تلك الأوصاف‏:‏ للتّنفير عنه‏,‏ والتّحذير منه‏,‏ لا لقصد اللّعن على كلّ فردٍ من هذه الأجناس‏,‏ لأنّ لعن الواحد المعيّن كهذا الظّالم لا يجوز‏,‏ فكيف كل فردٍ من أفراد هذه الأجناس‏,‏ وإذا كان المراد الجنس لما قلنا من التّنفير والتّحذير‏,‏ لا يلزم أن تكون تلك المعاصي من الكبائر خلافاً لمن ناط اللّعن بالكبائر‏,‏ لأنّه ورد اللّعن في غيرها‏.‏

5 - أمّا الكافر المعيّن فإن كان حياً فقد ذهب الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة في المذهب إلى أنّه لا يجوز لعنه لأنّ حاله عند الوفاة لا تعلم وقد شرط اللّه تعالى في إطلاق اللّعنة الوفاة على الكفر وذلك في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ‏}‏‏,‏ ولأنّا لا ندري ما يختم به لهذا الكافر‏.‏

وفي روايةٍ عند الحنابلة وهو قول ابن العربيّ من المالكيّة‏,‏ وفي قولٍ عند الشّافعيّة أنّه يجوز لعن الكافر المعيّن‏,‏ قال ابن العربيّ‏:‏ لظاهر حاله ولجواز قتله وقتاله‏.‏

أمّا لعن الكفّار جملةً من غير تعيينٍ وكذلك من مات منهم على الكفر فلا خلاف في أنّه يجوز لعنهم‏,‏ لما رواه مالك عن داود بن الحصين أنّه سمع الأعرج يقول‏:‏ ما أدركت النّاس إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان‏,‏ قال القرطبي قال علماؤُنا‏:‏ وسواء كانت لهم ذمّة أم لم تكن‏.‏

وقد نصّ الشّافعيّة على أنّه لا يجوز لعن الحيوان والجماد لما ورد عن عمران بن حصينٍ رضي الله عنهما قال‏:‏ «بينما رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره وامرأة من الأنصار على ناقةٍ فضجرت فلعنتها فسمع ذلك رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ خذوا ما عليها ودعوها فإنّها ملعونة ، قال عمران فكأنّي أراها الآن تمشي في النّاس ما يعرض لها أحد»‏.‏

لَغْط

التّعريف

1 - اللّغْط بسكون الغين المعجمة وفتحها‏:‏ هو الأصوات المبهمة المختلطة‏,‏ والجلبة الّتي لا تفهم‏.‏

واصطلاحاً عرّفه القليوبيّ بأنّه‏:‏ الأصوات المرتفعة سواء كان بالقراءة أو الذّكر أو الصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

اللّغو‏:‏

2 - اللّغو لغةً‏:‏ ما لا يعتد به من كلامٍ وغيره‏,‏ ولا يحصل منه على فائدةٍ ولا نفعٍ‏.‏

وفي اصطلاح الفقهاء هو‏:‏ ما لا معنى له ولا تترتّب عليه آثار في حقّ ثبوت الحكم‏.‏ والعلاقة بينهما أنّ اللّغط يقصد معناه‏,‏ واللّغو قد لا يقصد معناه‏.‏

الأحكام المتعلّقة باللّغط

3 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّه يستحب خفض الصّوت‏,‏ ويكره اللّغط في ثلاثة مواضع‏:‏ في حالة السّير في الجنازة‏,‏ وفي القتال‏,‏ وعند الذّكر سواء كان اللّغط - وهو رفع الصّوت - بالقراءة أو الذّكر‏,‏ أو التّهليل أو الصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏.‏ واستدلوا بما ورد عن قيس بن عبّادٍ رضي الله عنه‏:‏ كان أصحاب رسول اللّه يكرهون رفع الصّوت عند الجنائز وعند القتال وعند الذّكر‏.‏

وقال ابن عابدين معلّقاً على هذا الأثر‏:‏ فما ظنك عند الغناء الّذي يسمونّه وجداً ومحبّةً‏,‏ وقال الشّربيني الخطيب‏:‏ وما يفعله جهلة القرّاء بالتّمطيط وإخراج الكلام عن موضوعه - عند الجنائز - فحرام يجب إنكاره‏.‏

4 - واستثنى الفقهاء من كراهية اللّغط ورفع الصّوت في الذّكر‏:‏ التّلبية في الحجّ‏.‏

فذهب جمهورهم إلى أنّه يستحب رفع الصّوت بالتّلبية لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «جاءني جبريل عليه السلام فقال‏:‏ يا محمّد مر أصحابك أن يرفعوا أصواتهم بالتّلبية فإنّها من شعائر الحجّ»‏,‏ وخاصّةً عند تغير الأحوال‏:‏ كركوب‏,‏ ونزولٍ‏,‏ وصعودٍ وهبوطٍ‏,‏ واختلاط رفقةٍ‏.‏

والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏تلبية ف 5 - 6‏)‏‏.‏

لُغَة

التّعريف

1 - اللغة عند اللغويّين‏:‏ اللّسَّن‏,‏ وحدها أنّها أصوات يعبّر بها كل قومٍ عن أغراضهم‏,‏ وهي فعلة من لغوت أي تكلّمت‏.‏

ولا يخرج المعنى الاصطلاحي لهذا اللّفظ عن المعنى اللغويّ‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

أ - الكلام‏:‏

2 - الكلام في أصل اللغة‏:‏ عبارةً عن أصواتٍ متتابعةٍ لمعنىً مفهومٍ‏.‏

وقال الرّاغب الأصفهاني‏:‏ الكلام يقع على الألفاظ المنظومة وعلى المعاني الّتي تحتها مجموعة‏.‏

ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغويّ‏.‏

واللغة ترادف الكلام في بعض إطلاقاته‏.‏

ب - البيان‏:‏

3 - البيان لغةً‏:‏ الإظهار والتّوضيح والكشف عن الخفيّ أو المبهم‏.‏

قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏عَلَّمَهُ الْبَيَانَ‏}‏ أي الكلام الّذي يبيّن به ما في قلبه‏.‏

ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغويّ‏.‏

والبيان أخص من اللغة‏.‏

واضع اللغة

4 - اختلف في واضع اللغة على أقوالٍ‏:‏

الأوّل‏:‏ أنّ الواضع هو اللّه سبحانه وتعالى فهي توقيفيّة‏,‏ وإليه ذهب الأشعري وأتباعه‏.‏ الثّاني‏:‏ أنّ الواضع هو البشر‏,‏ وإليه ذهب أبو هاشمٍ ومن تبعه من المعتزلة فهي اصطلاحيّة‏.‏

الثّالث‏:‏ ابتداء اللغة توقيفي وقع بالتّعليم من اللّه‏,‏ والباقي بالاصطلاح‏.‏

الرّابع‏:‏ ابتداؤُها وقع بالاصطلاح‏,‏ والباقي توقيفي‏.‏

الخامس‏:‏ أنّ نفس الألفاظ دلّت على معانيها بذاتها‏,‏ وبه قال عبادة بن سليمان‏.‏

السّادس‏:‏ أنّه يجوز كل من هذه الأقوال من غير جزمٍ بأحدها‏,‏ قال الشّوكانيّ‏:‏ وبه قال الجمهور‏.‏

وقال الغزالي‏:‏ أمّا الواقع في هذه الأقسام فلا مطمع في معرفته يقيناً‏,‏ إلا ببرهان عقليٍّ‏,‏ أو بتواتر خبرٍ‏,‏ أو سمعٍ قاطعٍ‏,‏ ولا مجال لبرهان العقل في هذا‏,‏ ولم ينقل تواتر‏,‏ ولا فيه سمع قاطع‏,‏ فلا يبقى إلا رجم الظّنّ في أمرٍ لا يرتبط به تعبد عملي‏,‏ ولا ترهق إلى اعتقاده حاجة‏,‏ فالخوض فيه إذًا فضول لا أصل له‏.‏

والتّفصيل في الملحق الأصوليّ‏.‏

الأحكام المتعلّقة باللغة

تتعلّق باللغة أحكام منها‏:‏

أوّلاً‏:‏ تعلم اللغة

5 - تعلم اللغة مشروع بل ومطلوب في الجملة‏,‏ لكنّ حكم تعلم اللغة العربيّة يختلف عن حكم تعلم غيرها من اللغات‏.‏

أ - تعلم اللغة العربيّة‏:‏

6 - قال التمرتاشيّ والحصكفيّ‏:‏ للعربيّة فضل على سائر الألسن‏,‏ وهو لسان أهل الجنّة‏,‏ من تعلّمها أو علّمها غيره فهو مأجور‏,‏ وفي الحديث‏:‏ «أحبوا العرب لثلاث‏:‏ لأنّي عربي ، والقرآن عربي ، وكلام أهل الجنّة عربي»‏.‏

قال الشّافعي‏:‏ لسان العرب أوسع الألسنة مذهباً وأكثرها ألفاظاً‏,‏ وأولى النّاس بالفضل في اللّسان من لسانه لسانُ النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏,‏ ولا يجوز - واللّه أعلم - أن يكون أهل لسانه أتباعاً لأهل لسانٍ غير لسانه في حرفٍ واحدٍ‏,‏ بل كل لسانٍ تبع للسانه‏,‏ وكل أهل دينٍ قبله فعليهم اتّباع دينه‏.‏

ولمّا كان القرآن والسنّة المطهّرة واردين بلغة العرب‏,‏ وكان العلم بهما متوقّفاً على العلم بها‏,‏ ولا سبيل إلى طلب فهمهما من غير هذه الجهة كان العلم بها من أهمّ الواجبات فعلى كلّ مسلمٍ أن يتعلّم من لسان العرب ما بلغ جهده حتّى يشهد به أن لا إله إلا اللّه وأنّ محمّداً عبده ورسوله‏,‏ ويتلو به كتاب اللّه‏,‏ وينطق بالذّكر فيما افترض عليه من التّكبير‏,‏ وأمر به في التّسبيح والتّشهد وغير ذلك‏,‏ وأمّا التّبحر بعلوم العربيّة ممّا لا بدّ منه في فهم القرآن والسنّة المطهّرة‏,‏ وأسرار الشّريعة فهو فرض كفايةٍ‏,‏ إذا قام به بعض المسلمين سقط الحرج عن الباقين‏,‏ وإذا أهملوا جميعاً أثموا‏.‏

ب - تعلم غير العربيّ من اللغات‏:‏

7 - يباح تعلم غير العربيّة للأفراد‏,‏ وقد تستحب لهم‏,‏ ويجب تعلمها وجوب كفايةٍ للمصلحة العامّة‏,‏ كاتّقاء شرّ الأعداء‏,‏ وقد ورد عن زيد بن ثابتٍ رضي الله عنه أنّه قال‏:‏ «أمرني رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أن أتعلّم له كتاب يهود ، قال‏:‏ إنّي واللّه ما آمن يهود على كتابٍ ، قال‏:‏ فما مرّ بي نصف شهرٍ حتّى تعلّمته له ، قال‏:‏ فلمّا تعلّمته كان إذا كتب إلى يهود كتبت إليهم ، وإذا كتبوا له قرأت له كتابهم» وفي روايةٍ‏:‏ «أنّه أمره أن يتعلّم السريانيّة»‏,‏ والإسلام رسالة عالميّة‏,‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً‏}‏‏,‏ ويجب على المسلمين تبليغ الرّسالة إلى النّاس جميعاً بلغة يفهمونها وجوب كفايةٍ‏.‏

ثانياً‏:‏ ترجمة اللغة العربيّة إلى غيرها من اللغات

8 - للغة العربيّة من حيث هي ألفاظ دالّة على معانٍ نظران‏:‏

أحدهما‏:‏ من جهة كونها ألفاظاً وعباراتٍ مطلقةً دالّةً على معانٍ مطلقةٍ وهي الدّلالة الأصليّة‏.‏

والثّاني‏:‏ من جهة كونها ألفاظاً وعباراتٍ مقيّدةً دالّةً على معانٍ خادمةٍ وهي الدّلالة الثّابتة‏.‏ وقد بيّن الشّاطبيّ حكم ترجمة اللغة العربيّة إلى غيرها من اللغات بحسب كلّ واحدٍ من النّظرين‏.‏

والتّفصيل في‏:‏ ‏(‏ترجمة ف 3‏)‏‏.‏

ثالثاً‏:‏ اتّخاذ القاضي مترجماً

9 - ذهب الفقهاء إلى أنّ من آداب القضاء أن يتّخذ القاضي مترجماً فقد يتحاكم إليه أعجميّان لا يعرف لسانهما أو عربي وأعجمي فيفسّر المترجم له لغة المتخاصمين‏.‏

واختلف الفقهاء في حكم اتّخاذ القاضي للمترجم وفي عدد من يتّخذه للتّرجمة‏:‏

فذهب الحنفيّة إلى أنّه إن كان المدّعي أو المدّعى عليه أعجمياً أو لا يعرف القاضي لغته وهما أو أحدهما على هذه الصّفة‏,‏ أو لا يعرف أحدهما الآخر فعلى القاضي أن يأمر عدلين يترجمان للمدّعي وللمدّعى عليه وله ويفهم هو أيضاً ذلك‏,‏ وهذا قول محمّد بن الحسن وزفر‏.‏

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف‏:‏ يقبل قول الواحد العدل في التّرجمة‏.‏

وقال الخرشيّ من المالكيّة‏:‏ سمع القرينان أشهب وابن نافعٍ إن احتكم للقاضي خصوم يتكلّمون بغير العربيّة ولا يفقه كلامهم ينبغي أن يترجم عنهم رجل ثقة مأمون مسلم‏,‏ واثنان أحب إليّ‏,‏ ويجزئ الواحد‏,‏ ولا تقبل ترجمة الكافر أو العبد أو المسخوط‏,‏ ولا بأس بترجمة المرأة إن كانت من أهل العفاف‏.‏

وقال الشّافعيّة‏:‏ يتّخذ القاضي ندباً مترجماً‏,‏ لأنّه قد يجهل لسان الخصوم أو الشهود‏,‏ فإن كان القاضي يعرف لغة الخصوم لم يتّخذه‏,‏ وشرطه أي المترجم عدالة وحرّيّة وعدد‏,‏ أي اثنان ولو في زنا وإن كان شهوده كلهم أعجميّين لأنّه ينقل إلى القاضي قولاً لا يعرفه فأشبه المزكّي والشّاهد‏,‏ نعم يكفي رجل وامرأتان فيما يثبت بهما‏,‏ وقيس بهما أربع نسوةٍ فيما يثبت بهنّ‏,‏ ويكفي اثنان عن الخصمين كشهود الفرع‏.‏

وقال الحنابلة‏:‏ إذا تحاكم إلى القاضي العربيّ أعجميّان لا يعرف لسانهما‏,‏ أو أعجمي وعربي فلا بدّ من مترجمٍ عنهما ولا تقبل التّرجمة إلا من اثنين عدلين‏.‏

والتّرجمة عندهم شهادة تفتقر إلى العدد والعدالة ويعتبر فيها من الشروط ما يعتبر في الشّهادة على الإقرار بذلك الحقّ‏,‏ فإن كان ممّا يتعلّق بالحدود والقصاص اعتبر فيه الحرّيّة ولم يكف إلا شاهدان ذكران‏,‏ وإن كان ممّا لا يتعلّق بها كفى فيه ترجمة رجلٍ وامرأتين ولم تعتبر الحرّيّة فيه‏,‏ وإن كان في حدّ زنا خرج في التّرجمة وجهان‏:‏

أحدهما‏:‏ لا يكفي فيه أقل من أربعة رجالٍ أحرارٍ عدولٍ‏,‏ والثّاني‏:‏ يكفي فيه اثنان‏.‏

رابعاً‏:‏ قراءة القرآن بغير اللغة العربيّة

10 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّه لا تجوز قراءة القرآن بغير العربيّة‏,‏ ولا تصح الصّلاة بقراءة الفاتحة وغيرها بلغة غير العربيّة‏,‏ وإن لم يحسن المصلّي العربيّة‏,‏ لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ‏}‏ وترجمة القرآن ليست قرآناً‏.‏

وروي عن أبي حنيفة‏,‏ جواز قراءة القرآن بالفارسيّة فيما يمكن ترجمته‏.‏

والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏ترجمة ف 6‏)‏‏.‏

أمّا الإحرام في الصّلاة بالعجميّة والأذان بها‏,‏ وإلقاء خطبة الجمعة بها‏,‏ والتّشهد‏,‏ وأذكار الصّلاة‏,‏ فينظر في مصطلحي‏:‏ ‏(‏تكبيرة الإحرام ف 7‏,‏ وترجمة ف 9‏)‏‏.‏

لَغْو

التّعريف

1 - اللّغو‏:‏ له معانٍ كثيرة في اللغة‏.‏

منها‏:‏ السّقط وما لا يعتد به من الكلام وغيره‏,‏ ولا يحصل منه على فائدةٍ ولا نفعٍ‏.‏

ومنها‏:‏ ما لا يعقد عليه القلب مثل قول الرّجل‏:‏ لا واللّه وبلى واللّه‏.‏

قالت عائشة رضي الله عنها‏:‏ إنّما اللّغو في المراء والهزل والمزاحة في الحديث الّذي لا يعقد عليه القلب‏.‏

وقال الشّافعي‏:‏ اللّغو هو الكلام غير المعقود عليه‏.‏

ومنها‏:‏ الإثم‏,‏ ومنه قوله تعالى ‏{‏لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ‏}‏‏,‏ والمعنى لا يؤاخذكم اللّه بالإثم في الحلف إذا كفّرتم‏.‏

ومنها‏:‏ اللّغط‏,‏ ومنه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا ََلا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ‏}‏ أي الغطوا فيه‏.‏

ومنها‏:‏ النطق‏:‏ يقال هذه لغتهم الّتي يلغون بها أي ينطقون بها‏,‏ ولغو الطّير أصواتها‏.‏ واصطلاحاً‏:‏ ضم الكلام بما هو ساقط العبرة منه‏,‏ وهو الّذي لا معنى له في حقّ ثبوت الحكم وغيره‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

الباطل‏:‏

2 - الباطل لغةً‏:‏ ما سقط حكمه‏,‏ يقال بطل الشّيء يَبْطل بطلاً وبطولاً وبطلاناً‏:‏ فسد أو سقط حكمه‏.‏

واصطلاحاً‏:‏ عرّفه البركتيّ‏:‏ بأنّه الّذي لا يكون صحيحاً بأصله أو ما لا يعتد به ولا يفيد شيئاً أو ما كان فائت المعنى مع وجود الصورة إمّا لانعدام الأهليّة أو لانعدام المحلّيّة‏.‏ والصّلة بين اللّغو والباطل‏,‏ العموم والخصوص فالباطل أعم من اللّغو‏,‏ فكل لغوٍ باطل وليس كل باطلٍ لغواً‏.‏

الأحكام المتعلّقة باللّغو

أوّلاً‏:‏ لغو اليمين

3 - اختلف الفقهاء في تعريف لغو اليمين‏.‏

والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏أيمان ف 103‏)‏‏.‏

كفّارة لغو اليمين

4 - ذهب جمهور الفقهاء‏:‏ إلى أنّه لا كفّارة في لغو اليمين ولا إثم على صاحبها لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ‏}‏ فجعل اللّه تعالى الكفّارة لليمين الّتي يؤاخذ بها ونفى المؤاخذة باللّغو فيلزم انتفاء الكفّارة‏.‏

وممّن قال لا كفّارة في لغو اليمين‏:‏ ابن عبّاسٍ وأبو هريرة وأبو مالكٍ وزرارة بن أوفى والحسن والنّخعيّ والأوزاعي والثّوري‏.‏

وروي عن أحمد والنّخعيّ أنّ من حلف على شيءٍ يظنه كما حلف فلم يكن ففيه الكفّارة وليس من لغو اليمين‏,‏ لأنّ اليمين باللّه تعالى وجدت مع المخالفة فأوجبت الكفّارة كاليمين على مستقبلٍ‏.‏

والتّفصيل في‏:‏ ‏(‏كفّارة ف 9‏)‏‏.‏

زمن لغو اليمين

5 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ لغو اليمين يكون على أمرٍ في الماضي أو الحال أو المستقبل‏,‏ كأن يقول الإنسان واللّه ما كلّمت زيداً وفي ظنّه واعتقاده أنّه لم يكلّمه‏,‏ أو يقول واللّه لقد كلّمت زيداً وفي ظنّه أنّه كلّمه وهو بخلافه‏,‏ أو يقول واللّه هذا الجائي لزيد وهو بخلافه‏,‏ أو إنّ هذا الطّائر لغراب وفي ظنّه كذلك ثمّ تبيّن بخلافه‏,‏ وما لا يعقد عليه قلبه ولم يقصد اليمين عليه وإنّما جرت على لسانه فهو من لغو اليمين ماضياً كان أو حالاً أو مستقبلاً‏.‏

وكلام عائشة رضي الله عنها يدل على هذا فإنّها قالت‏:‏ إنّما اللّغو في المراء والهزل والمزاحة في الحديث الّذي لا يعقد عليه القلب‏.‏

وذهب الحنفيّة والعدويّ وابن عرفة من المالكيّة‏:‏ إلى أنّه لا لغو في يمين المستقبل‏,‏ لأنّ اليمين في المستقبل يمين معقودة سواء وجد القصد أو لا‏.‏ وتكفّر إن حنث‏.‏

وقول عائشة رضي الله عنها يدل على أنّ يمين اللّغو ما يجري في كلام النّاس لا واللّه وبلى واللّه في الماضي لا في المستقبل‏,‏ وأنّها فسّرتها بالماضي في بعض الرّوايات حينما سئلت عن يمين اللّغو فقالت‏:‏ قول الرّجل‏:‏ فعلنا واللّه كذا وضعنا واللّه كذا‏,‏ واليمين المعقودة هي اليمين على أمرٍ في المستقبل نفياً أو إثباتاً مثل قول الرّجل‏:‏ واللّه لا أفعل كذا وكذا‏,‏ وقولـه‏:‏ واللّه لأفعلنّ كذا‏.‏

ولأنّ لغو اليمين بمستقبل غيب فلا يلزم من ترك الكفّارة في حلفه على ما وقع تركها في حلفه على ما لم يقع لعذر الأوّل وجراءة الثّاني‏.‏

ثانياً‏:‏ اللّغو أثناء خطبة الجمعة

6 - اختلف الفقهاء في حكم الإنصات لخطبة الجمعة وما يترتّب عليه من لغو من لا ينصت للخطبة‏,‏ وذلك على تفصيلٍ في مصطلح‏:‏ ‏(‏استماع ف 12 - 14‏)‏‏.‏

لغو خطبة الجمعة

7 - ذهب المالكيّة‏:‏ إلى أنّه لا بدّ أن تكون الخطبة باللغة العربيّة‏,‏ فوقوعها بغير العربيّة لغو‏,‏ فإن لم يكن في الجماعة من يعرف العربيّة والخطيب يعرفها وجبت‏,‏ فإن لم يعرف الخطيب العربيّة لم تجب‏,‏ ولا بدّ أن تكون جهراً فإسرارها كعدمها وتعاد جهراً‏,‏ ولا بدّ أن تكون لها بال‏.‏

‏(‏ر‏:‏ خطبة ف 9‏)‏‏.‏

لَفْظ

التّعريف

1 - اللّفظ في اللغة‏:‏ أن ترمي بشيء كان في فيك‏,‏ واللّفظ بالشّيء‏:‏ التّكلم به‏,‏ ولفظ بقول حسنٍ‏:‏ تكلّم به‏,‏ ولفظ بالكلام‏:‏ نطق كتلفّظ‏,‏ ومن ذلك قوله جلّ وعلا‏:‏ ‏{‏مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إََِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ‏}‏‏,‏ وفي الحديث‏:‏ «ويبقى في الأرض شرار أهلها تلفظهم أرضوهم» أي تقذفهم وترميهم‏.‏

وفي اصطلاح الفقهاء‏:‏ اللّفظ هو ما يتلفّظ به الإنسان أو من في حكمه مهملاً كان أو مستعملاً‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

أ - الإشارة‏:‏

2 - الإشارة لغةً‏:‏ التّلويح بشيء يفهم منه ما يفهم من النطق‏,‏ وتشمل الإيماء إلى الشّيء بالكفّ والعين والحاجب وغيرها‏,‏ ومنه‏:‏ أشار عليه بكذا‏:‏ إذا أبدى له رأيه‏,‏ وتكون حسّيّةً عند الإطلاق‏.‏

ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغويّ‏.‏

والصّلة بين الإشارة واللّفظ‏:‏ أنّ الإشارة تفيد ما يفيده اللّفظ وتقوم مقامه أحياناً‏.‏

ب - السكوت‏:‏

3 - السكوت هو الصّمت‏,‏ وهو ضد النطق‏,‏ يقال‏:‏ سكت الصّائت سكوتًا‏:‏ إذا صمت‏.‏ وفي اصطلاح الفقهاء‏:‏ السكوت مختص بترك الكلام مع القدرة عليه‏,‏ وعلى هذا فالسكوت ضد التّلفظ والنطق‏.‏

الأحكام المتعلّقة باللّفظ

أ - معرفة المراد عن طريق الألفاظ‏:‏

4 - الألفاظ ترجمان الإرادة والرّغبة في الأشياء والحاجات‏,‏ ولهذا يقول ابن القيّم‏:‏ إنّ اللّه تعالى وضع الألفاظ بين عباده تعريفاً ودلالةً على ما في نفوسهم‏,‏ فإذا أراد أحدهم من الآخر شيئًا عرّفه بمراده وما في نفسه بلفظه ورتّب على تلك الإرادات والمقاصد أحكامها بواسطة الألفاظ‏.‏

ب - التّصرفات المقيّدة بألفاظ مخصوصةٍ وغير المقيّدة‏:‏

هناك تصرفات تتقيّد بألفاظ مخصوصةٍ منها‏:‏

أوّلاً‏:‏ في العبادة‏:‏

5 - تتقيّد بعض العبادات ببعض الألفاظ فلا تصح بغيرها‏,‏ كالأذان والإقامة وتكبيرة الإحرام والتّشهد في الصّلاة‏,‏ وكذلك بعض الأذكار المأثورة‏.‏

وللتّفصيل‏:‏ ‏(‏ر‏:‏ ذكر ف 5 وما بعدها‏)‏‏.‏

ثانياً‏:‏ في العقود‏:‏

6 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ العقود - غير عقدي النّكاح والسّلم - لا يشترط فيها لفظ معيّن‏,‏ بل كل لفظٍ يؤدّي إلى المقصود يتم به العقد‏,‏ وعلى هذا بنيت القاعدة الفقهيّة المعروفة ‏"‏ العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني ‏"‏‏.‏

أمّا عقد النّكاح فقد ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّه كبقيّة العقود الأخرى يتم بأيّ لفظٍ يدل على التّأبيد مدّة الحياة‏,‏ ويرى الشّافعيّة والحنابلة أنّ عقد النّكاح لا بدّ فيه من لفظٍ مشتقٍّ من لفظي التّزويج أو الإنكاح‏,‏ لأنّهما وردتا في القرآن الكريم في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏زَوَّجْنَاكَهَا‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ‏}‏ دون سواهما‏.‏

وانفرد الشّافعيّة بإضافة عقد السّلم إلى عقد النّكاح في تقييده بألفاظ خاصّةٍ‏.‏

وللتّفصيل‏:‏ ‏(‏ر‏:‏ صيغة ف 6‏)‏‏.‏

ثالثاً‏:‏ في الشّهادة‏:‏

7 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّه لا بدّ في أداء الشّهادة من لفظ ‏"‏ أشهد ‏"‏ فلا يقبل مثل قوله‏:‏ أعلم أو أعرف أو أتيقّن إلا أنّ المالكيّة لم يشترطوا لفظاً مخصوصاً في الشّهادة‏,‏ بل يكفي عندهم كل ما يدل على حصول علم الشّاهد بما شهد‏.‏

وللتّفصيل‏:‏ ‏(‏ر‏:‏ إثبات ف 10‏,‏ شهادة‏.‏ ف 27‏)‏‏.‏

رابعاً‏:‏ في أيمان اللّعان‏:‏

8 - اشترط الفقهاء في أيمان اللّعان أن ترد فيها ألفاظ مخصوصة هي‏:‏ أشهد‏,‏ لعنة‏,‏ غضب‏,‏ وذلك لورود النّصّ القرآنيّ بذلك في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إََِلا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ، وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ، وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ ، وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ‏}‏‏.‏

والتّفصيل في‏:‏ ‏(‏لعان‏,‏ وأيمان ف 14‏)‏‏.‏

ج - الإكراه على التّلفظ بألفاظ مخصوصةٍ‏:‏

9 - الإكراه يؤثّر في الإرادة ويعد عيباً من عيوبها‏.‏

وذهب أكثر الفقهاء إلى أنّ الإكراه على التّلفظ بلفظ ما يمنع ترتيب أثره عليه ولو كان كلمة الكفر‏,‏ لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ‏}‏‏.‏

ولحديث‏:‏ «إنّ اللّه وضع عن أمّتي الخطأ والنّسيان وما استكرهوا عليه»‏.‏

وللتّفصيل‏:‏ ‏(‏ر‏:‏ إكراه ف 18 - 24‏)‏‏.‏

د - قصد معاني الألفاظ‏:‏

10 - اللّفظ هو الصورة الّتي تحمل مراد المتكلّم إلى السّامع‏,‏ فإذا كان صاحب اللّفظ جاهلاً بمعناه كالأعجميّ لم يعدّ اللّفظ صالحاً لتأدية هذا المعنى‏,‏ فيسقط اعتباره‏.‏

جاء في قواعد الأحكام‏:‏ إذا نطق الأعجمي بكلمة كفرٍ أو إيمانٍ أو طلاقٍ أو بيعٍ أو شراءٍ أو صلحٍ أو إبراءٍ لم يؤاخذ بشيء من ذلك‏,‏ لأنّه لم يلتزم مقتضاه ولم يقصد إليه‏,‏ وكذلك إذا نطق العربي بما يدل على هذه المعاني بلفظ أعجميٍّ لا يعرف معناه فإنّه لا يؤاخذ بشيء من ذلك لأنّه لم يرده فإنّ الإرادة لا تتوجّه إلا إلى معلومٍ أو مظنونٍ‏,‏ وإن قصد العربي النطق بشيء من هذا الكلام مع معرفته بمعانيه نفذ ذلك منه‏.‏

إلا أنّ الحنفيّة أوقعوا طلاق النّاسي والخاطئ والذّاهل وكذلك يمينه‏,‏ إذ القصد بالنّسبة لليمين والطّلاق ليس بشرط عندهم‏,‏ كما أنّهم حكموا بإسلام الكافر إذا أجبر على التّلفظ بكلمة الإسلام على العكس من إجبار المسلم على التّلفظ بكلمة الكفر‏.‏

وإذا تلفّظ بلفظ فقصد صورته دون معناه كالهازل أو اللاعب لم يترتّب على تصرفه أحكامه عند جمهور الفقهاء وكان لغواً إلا خمسة أمورٍ هي‏:‏ طلاقه ويمينه ونكاحه ورجعته وعتقه‏,‏ فإنّها تقع كلها منه‏,‏ لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «ثلاث جدهنّ جد وهزلهنّ جد‏:‏ النّكاح والطّلاق والرّجعة»‏,‏ وقال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه‏:‏ أربع جائزات إذا تكلّم بهنّ‏:‏ الطّلاق والعتاق والنّكاح والنّذر‏.‏

وللتّفصيل انظر مصطلحات‏:‏ ‏(‏صيغة ف 9‏,‏ وعقد ف 6‏,‏ وطلاق ف 28 وما بعدها‏,‏ ونكاح‏,‏ وهزل‏)‏‏.‏

هـ - اشتراك لفظٍ واحدٍ بين معنيين أو أكثر‏:‏

11 - المشترك اللّفظي هو اللّفظ الموضوع لغةً لمعنيين أو أكثر على سبيل البدل‏,‏ أو هو أن يتّحد اللّفظ ويتعدّد المعنى على سبيل الحقيقة فيهما كالقرء‏,‏ فإنّه حقيقة في الحيض والطهر‏.‏

‏(‏ر‏:‏ اشتراك ف 3‏)‏‏.‏

ولو حلف‏:‏ لا يركب دابّةً أو لا يأكل لحماً أو لا يجلس على فراشٍ أو لا يشرب بارداً فإنّ كلاً من هذه الألفاظ - الدّابّة واللّحم والفراش والبارد - يحتمل عدّة معانٍ‏:‏ إذ تطلق الدّابّة على الحمار والفرس‏,‏ ويطلق اللّحم على الغنم والإبل والسّمك‏,‏ ويشمل الفراش ما أعدّ للنّوم والجلوس‏,‏ وكذلك البارد يشمل الماء وغيره‏,‏ فلهذا يلجأ إلى نيّة الحالف أو قصد المتكلّم أو إلى العرف‏,‏ ويصرف اللّفظ إليها‏.‏

قال ابن القيّم‏:‏ ممّا تتغيّر به الفتوى لتغير العرف والعادة موجبات الأيمان والإقرار والنذور وغيرها‏,‏ فمن حلف‏:‏ لا ركبت دابّةً‏,‏ وكان في بلدٍ عرفهم في لفظ الدّابّة‏,‏ الحمار خاصّةً اختصت يمينه به‏,‏ ولا يحنث بركوب الفرس ولا الجمل‏,‏ ثمّ قال‏:‏ فيفتى في كلّ بلدٍ بحسب عرف أهله‏,‏ ويفتى كل أحدٍ بحسب عادته‏.‏

وكذلك ما نقله ابن عابدين عن فتاوى قاسمٍ حيث قال‏:‏ لفظ الواقف والموصي والحالف والنّاذر وكلّ عاقدٍ يحمل على عادته في خطابه ولغته الّتي يتكلّم بها‏,‏ سواء وافقت لغة العرب ولغة الشّارع أو لا‏.‏

و - الصّريح والكناية من الألفاظ‏:‏

12 - الصّريح في اللغة‏:‏ هو الّذي خلص من تعلقات غيره‏,‏ وفي الاصطلاح‏:‏ اسم لكلام مكشوفٍ المراد به بسبب كثرة الاستعمال حتّى يظهر ظهوراً بيّناً‏.‏

والكناية لغةً‏:‏ أن يتكلّم بشيء يستدل به على المكنّى عنه‏,‏ أمّا في الاصطلاح فهي كما قال الجرجاني‏:‏ كلام استتر المراد منه بالاستعمال وإن كان معناه ظاهراً في اللغة‏.‏

ولهذا تنقسم الألفاظ إلى صريحٍ يظهر المراد به وكناية يخفى المراد بها‏,‏ إلا مع قرينةٍ تظهره‏,‏ وهذا التّقسيم يدخل في ألفاظ كثيرٍ من العقود والتّصرفات كالطّلاق والوقف والهبة والخطبة والنّكاح والخلع والظّهار والقذف والنّذر وغيرها ممّا تستعمل فيه ألفاظ صريحة وأخرى كنائيّة‏.‏

وتعرف تفاصيل تلك الألفاظ في مصطلحاتها وفي مصطلح‏:‏ ‏(‏صريح ف 12 - 21‏,‏ وكناية‏)‏‏.‏

ز - النّهي عن ألفاظٍ معيّنةٍ‏:‏

13 - ورد النّهي عن بعض الألفاظ لمقاصد شرعيّةٍ كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا‏}‏‏.‏

ومن ذلك النّهي عن تسمية العنب بالكرمة‏,‏ وصلاة المغرب بالعتمة ، والنّهي عن ألفاظ سلام الجاهليّة عم صباحاً ومساءً‏,‏ والنّهي عن ابتداء أهل الذّمّة بألفاظ السّلام الخاصّة بالمؤمنين ، ونحو ذلك‏.‏

وتنظر تفصيلات ذلك في مصطلحاتها‏.‏

لَقَب

التّعريف

1 - اللّقب في اللغة‏:‏ هو ما يسمّى به الإنسان بعد اسمه الأوّل ‏"‏ العَلَم ‏"‏ من لفظٍ يدل على المدح أو الذّمّ لمعنىً فيه‏,‏ والجمع ألقاب‏.‏

واللّقب ضربان‏:‏ ضرب على سبيل التّشريف كألقاب السّلاطين‏,‏ وضرب على سبيل النّبز‏.‏ ولا يخرج معناه الاصطلاحي عن معناه اللغويّ‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

أ - الاسم‏:‏

2 - الاسم لغةً‏:‏ ما وضع لشيء من الأشياء ودلّ على معنىً من المعاني‏,‏ جوهراً كان أو عرضاً‏.‏

واصطلاحاً‏:‏ هو ما يعرف به الشّيء ويستدل به عليه‏,‏ أو هو ما دلّ على معنىً في نفسه غير مقترنٍ بأحد الأزمنة الثّلاثة‏,‏ وهو ينقسم إلى اسم عينٍ‏,‏ وهو الدّال على معنىً يقوم بذاته كزيد وعمرٍو‏,‏ وإلى اسم معنىً وهو ما لا يقع بذاته‏,‏ سواء كان معنىً وجودياً كالعلم أو عدمياً كالجهل‏.‏

والصّلة بين اللّقب والاسم أنّ ما قصد به التّعظيم أو التّحقير فهو لقب‏,‏ وإلا فهو اسم‏.‏

ب - الكنية‏:‏

3 - الكنية في اللغة‏:‏ تطلق على الشّخص للتّعظيم‏,‏ وتكون علماً غير الاسم واللّقب‏,‏ وتصدّر بأبٍ أو أمٍّ‏,‏ وذلك كأبي حفصٍ وأبي الحسن‏.‏

وتستعمل الكنية مع الاسم ومع اللّقب أو بدونهما تفخيماً لشأن صاحبها أن يذكر اسمه مجرّداً‏,‏ وتكون لأشراف النّاس‏.‏

والصّلة أنّ الكنية تكون - غالباً - للتّفخيم‏,‏ وأمّا اللّقب فقد يكون للمدح والتّفخيم أو الذّمّ‏.‏

الحكم التّكليفي

قسّم الفقهاء أحكام النّبز بالألقاب إلى مستحبٍّ وجائزٍ ومكروهٍ وحرامٍ‏.‏

4 - فاللّقب إن كان من مستحبّ الألقاب‏,‏ ومستحسنها‏,‏ وليس فيه الإطراء المنهي عنه شرعاً فهو مستحب بشرط أن يكون الملقّب راضياً عنه‏,‏ لما ورد عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «أنّه كان يعجبه أن يدعو الرّجل بأحبّ أسمائه إليه وأحبّ كناه»‏,‏ ولأنّه صلى الله عليه وسلم لقّب الصّدّيق رضي الله عنه بعتيق وعلياً رضي الله عنه بأبي ترابٍ‏,‏ وخالد بن الوليد رضي الله عنه بسيف اللّه‏.‏

ولأنّه قلّ من المشاهير في الإسلام من ليس له لقب‏,‏ ولم تزل هذه الألقاب الحسنة في الأمم كلّها من العرب والعجم تجري في مخاطباتهم ومكاتباتهم من غير نكيرٍ‏.‏

5 - وإن كان اللّقب عادياً لا يوصف بالمستحسن ولا بالمستقبح وكان الملقّب به راضياً عنه جاز‏,‏ وكذا إن كان مستقبحاً ولا يرضى عنه الملقّب إلا أنّه تعيّن طريقاً إلى التّعريف به‏,‏ حيث يغلب عليه الاستعمال ويشتهر به ولا يتميّز عن غيره إلا بذكر هذا اللّقب‏,‏ فهذا جائز أيضاً عند جمهور الفقهاء وأهل العلم بشرط أن لا يكون إلقاء اللّقب على وجه التّعيير والتّنقيص‏.‏

ومن أجل هذا أكثر العلماء من استعمال مثل هذه الألقاب للمؤلّفين والرواة والفقهاء كالأعمش والأعرج‏,‏ وما أشبه ذلك من الألقاب‏.‏

والأصل في ذلك قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم في الحديث المسمّى بحديث ذي اليدين‏:‏ «أكما يقول ذو اليدين» وفي روايةٍ‏:‏ «ما يقول ذو اليدين»‏,‏ وذلك لمّا سلّم في ركعتين من صلاة الظهر‏,‏ ولأنّ داعية التّعريف في الجملة مصلحة يفتقر إليها‏,‏ ومع ذلك فقد قال العلماء‏:‏ لو أمكن تعريف صاحب اللّقب بغير ذلك اللّقب المكروه كان أولى‏,‏ لحصول المقصود مع السّلامة من الغيبة‏.‏

6 - وذهب بعض العلماء إلى حرمة ذلك حتّى مع وجود الحاجة إلى التّعريف بالملقّب‏,‏ ومن هؤُلاء الحسن البصري فقد نقل عنه أنّه قال‏:‏ أخاف أن يكون قولنا حميد الطّويل غيبة‏,‏ وقال ابن العربيّ من المالكيّة بعدما ذكر المسألة‏:‏ وقد ورد لعمر اللّه من ذلك في كتبهم ما لا أرضاه‏.‏

ولا أراه سائغاً في الدّين‏,‏ وقد كان موسى بن عليّ بن رباحٍ المصري يقول‏:‏ لا أجعل أحداً صغّر اسم أبي في حلٍّ‏,‏ وكان الغالب على اسم أبيه التّصغير بضمّ العين‏.‏

7 - أمّا إذا كان الشّخص لم يشتهر بهذا اللّقب‏,‏ أو كان يتميّز عن غيره بغير هذا اللّقب من الأسماء والألقاب والكنى‏,‏ أو كان إطلاق اللّقب عليه ليس على جهة التّعريف به‏,‏ وإنّما على جهة التّنقيص والتّعيير فلا يجوز ذلك إجماعاً لقول اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏وَََلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ‏}‏‏.‏

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَََلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ‏}‏‏.‏

الألقاب المحرّمة

8 - إذا كان اللّقب من قبيل الإطراء المنهيّ عنه شرعاً كملك الأملاك وملك الملوك‏,‏ وما أشبه ذلك من الألقاب الّتي ينبغي أن لا يوصف بها إلا اللّه عزّ وجلّ‏,‏ فيحرم لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «إنّ أخنع اسمٍ عند اللّه رجل تسمّى ملك الأملاك»‏,‏ ولأنّ إطلاق مثل هذه الألقاب على غير اللّه تعالى وصف لذلك الغير بوصف الخالق الّذي لا يصح قيامه بغيره سبحانه‏.‏

إطلاق ألقاب التّفخيم على الفسّاق

9 - ذهب الفقهاء إلى أنّه يكره تلقيب الفسّاق والعصاة والظّالمين والسّفلة بالألقاب العليّة الّتي تدل على التّعظيم أو التّشريف كسيّد وأستاذٍ وما أشبههما من ألقاب التّعظيم والتّبجيل‏,‏ لما ورد عن بريدة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ «لا تقولوا للمنافق سيّد فإنّه إن يك سيّداً فقد أسخطتم ربّكم عزّ وجلّ»‏.‏

ولأنّ في هذا تعظيم من أهانه اللّه بسبب معصيته وخرج بذلك عن حزب الرّحمن وانتظم في إخوان الشّياطين‏,‏ فعلى المسلم إهانته وترك تعظيمه ليرتدع عما هو فيه فيرجع إلى الطّاعة‏.‏

وقال الزّمخشريّ بعدما ذكر الألقاب الجائزة‏:‏ إلا ما أحدثه النّاس في زماننا هذا من التّوسع حتّى لقّبوا السّفلة بالألقاب العليّة‏.‏ فما أقول في تلقيب من ليس من الدّيّن في قبيلٍ ولا دبيرٍ بفلان الدّيّن هي لعمر اللّه الغصّة الّتي لا تساغ‏.‏

قال ابن عابدين‏:‏ ونظيره ما يقال للمدرّسين بالتركيّ‏:‏ أفندي‏,‏ وسلطانم ونحوه‏.‏

كما تكره عندهم الألقاب القبيحة كشيطان وظالمٍ وشهابٍ وحمارٍ وكليبٍ‏.‏

لَقْط

التّعريف

1 - اللَّقْط بفتح اللام وسكون القاف كالنّصر - مصدر لَقَط يَلقُط - ومن معانيه في اللغة أخذ الشّيء من الأرض وجمعه‏,‏ يقال‏:‏ لقطه يلقطه لقطاً‏:‏ أخذه من الأرض‏,‏ ومنه اللُقَطَة وهي اسم الشّيء الّذي تجده ملقىً فتأخذه‏,‏ واللّقيط وهو المولود المنبوذ‏.‏

والمراد به عند الفقهاء أخذ أيّام النّقاء بين الدّمَين والحكم عليها بالطهر‏,‏ والتقاط أزمنة الدّم والحكم عليها بالحيض‏.‏

ويسمّى القول باللّقط كذلك القول بالتّلفيق‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

السّحب‏:‏

2 - السّحب لغةً‏:‏ جر الشّيء على وجه الأرض كالثّوب وغيره‏.‏

وفي الاصطلاح‏:‏ عرّفه الشّافعيّة بإعطاء النّقاء المتخلّل بين أيّام الحيض حكم الحيض‏,‏ وسمّي بذلك لسحب حكم الحيض على النّقاء وجعل الكلّ حيضاً‏.‏

الحكم الإجمالي

3 - اللّقط لفظ يستعمله الشّافعيّة غالباً فيما إذا انقطع دم المرأة وكانت ترى يوماً دماً ويوماً نقاءً أو يومين ويومين‏,‏ ويختلف الحكم عند الفقهاء في انقطاع دم المرأة حسب اختلاف أحوال الانقطاع‏,‏ فالطهر المتخلّل بين الدّمين إذا كان خمسة عشر يوماً فصاعداً فإنّه طهر فاصل بين الدّمين عند جميع الفقهاء‏.‏

واختلفوا في حكم الطهر بين الدّمين أقل من هذه المدّة‏,‏ هل يعتبر فاصلاً أو لا ‏؟‏‏.‏

فذهب الحنفيّة إلى أنّ الطهر الفاصل بين الدّمين إذا كان أقلّ من ثلاثة أيّامٍ لا يعتبر فاصلاً‏.‏ وفيما زاد عن ثلاثة أيّامٍ إلى خمسة عشر يوماً فعن أبي حنيفة فيه أربع رواياتٍ روى أبو يوسف عنه أنّه قال‏:‏ الطهر المتخلّل بين الدّمين إذا كان أقلّ من خمسة عشر يوماً يكون طهراً فاسداً ولا يكون فاصلاً بين الدّمين بل يكون كله كدم متوالٍ ثمّ يقدّر ما ينبغي أن يجعل حيضاً يجعل حيضاً والباقي يكون استحاضةً‏,‏ وروى محمّد عن أبي حنيفة أنّ الدّم إذا كان في طرفي العشرة فالطهر المتخلّل بينهما لا يكون فاصلاً ويجعل كله كدم متوالٍ‏,‏ وإن لم يكن الدّم في طرفي العشرة كان الطهر فاصلاً بين الدّمين‏.‏

ثمّ بعد ذلك إن أمكن أن يجعل أحد الدّمين حيضاً يجعل ذلك حيضاً‏,‏ وإن أمكن أن يجعل كل واحدٍ منهما حيضاً يجعل أسرعهما حيضاً‏,‏ وهو أوّلهما‏,‏ وإن لم يمكن جعل أحدهما حيضاً لا يجعل شيء من ذلك حيضاً‏,‏ وروى عبد اللّه بن المبارك عن أبي حنيفة أنّ الدّم إذا كان في طرفي العشرة وكان بحال لو جمعت الدّماء المتفرّقة تبلغ حيضاً لا يصير الطهر فاصلاً بين الدّمين‏,‏ ويكون كله حيضاً‏,‏ وإن كان بحال لو جمع لا يبلغ حيضاً يصير فاصلاً بين الدّمين ثمّ ينظر إن أمكن أن يجعل أحد الدّمين حيضاً يجعل ذلك حيضاً وإن أمكن أن يجعل كل واحدٍ منهما حيضاً يجعل أسرعهما حيضاً وإن لم يمكن أن يجعل أحدهما حيضاً لا يجعل شيء من ذلك حيضاً‏,‏ وروى الحسن عن أبي حنيفة أنّ الطهر المتخلّل بين الدّمين إذا كان أقلّ من ثلاثة أيّامٍ لا يكون فاصلاً بين الدّمين وكله بمنزلة المتوالي‏,‏ وإذا كان ثلاثة أيّامٍ كان فاصلاً بينهما‏,‏ ثمّ ينظر إن أمكن أن يجعل أحد الدّمين حيضاً جعل‏,‏ وإن أمكن أن يجعل كل واحدٍ منهما حيضاً يجعل أسرعهما‏,‏ وإن لم يمكن أن يجعل شيء من ذلك حيضاً لا يجعل حيضاً‏,‏ واختار محمّد لنفسه في كتاب الحيض مذهباً فقال‏:‏ الطهر المتخلّل بين الدّمين إذا كان أقلّ من ثلاثة أيّامٍ لا يعتبر فاصلاً وإن كان أكثر من الدّمين يكون بمنزلة الدّم المتوالي‏,‏ وإذا كان ثلاثة أيّامٍ فصاعداً فهو طهر كثير فيعتبر‏,‏ لكن ينظر بعد ذلك إن كان الطهر مثل الدّمين أو أقلّ من الدّمين في العشرة لا يكون فاصلاً وإن كان أكثر من الدّمين يكون فاصلاً ثمّ ينظر إن أمكن أن يجعل أحدهما حيضاً جعل وإن أمكن أن يجعل كل واحدٍ منهما حيضاً يجعل أسرعهما حيضاً وإن لم يمكن أن يجعل أحدهما حيضاً لا يجعل شيء من ذلك حيضاً‏.‏ قال في الفتاوى الهنديّة‏:‏ وكثير من المتأخّرين أفتوا برواية أبي يوسف لأنّها أسهل على المفتي والمستفتي والأخذ بها أيسر كذا في الهداية وعليه استقرّ رأي الصّدر الشّهيد حسام الدّين وبه يفتي‏.‏

ويرى المالكيّة في مسألة التّقطع هذه أنّ المرأة تلفّق‏,‏ أي تجمع أيّام الدّم فقط لا أيّام الطهر‏,‏ وتغتسل وجوباً كلّما انقطع الدّم فيها في أيّام التّلفيق‏,‏ وتصوم إن كانت قبل الفجر طاهراً‏,‏ وتصلّي بعد طهرها‏,‏ مع تفصيلٍ في ذلك مبتدأة ومعتادة وحامل‏.‏

وعند الشّافعيّة إذا كان الانقطاع قبل مجاوزة الخمسة عشر قولان‏:‏

القول الأوّل‏:‏ قول السّحب‏,‏ وهو أنّ حكم الحيض ينسحب على أيّام النّقاء‏,‏ فتحيض فيها جميعاً‏,‏ لأنّ زمان النّقاء ناقص عن أقلّ الطهر فيكون حيضاً‏,‏ كساعات الفترة بين دفعات الدّم‏.‏

والقول الثّاني‏:‏ قول اللّقط والتّلفيق‏,‏ وهو أن تلتقط أيّام النّقاء وتلفّق‏,‏ ويحكم بالطهر فيها‏,‏ وحيضها أزمنة الدّم لا غير‏,‏ لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ‏}‏ أي ينقطع دمهنّ‏,‏ وقد انقطع فيجوز القربان‏,‏ ولأنّه لا يحكم في أيّام الدّم حقيقةً بالطهر فكذلك لا يحكم في أيّام النّقاء حقيقةً بالحيض توفيراً لحكم كلّ واحدةٍ من الحالتين عليها‏.‏

ونقل النّووي اختلاف الشّافعيّة في الأصحّ منهما‏,‏ ثمّ قال‏:‏ والحاصل أنّ الرّاجح عندنا قول السّحب‏.‏

وقال الرّملي‏:‏ ومحل القولين في الصّلاة والصّوم ونحوهما‏,‏ فلا يجعل النّقاء طهراً في انقضاء العدّة إجماعاً‏,‏ ثمّ قال‏:‏ وشرط جعل النّقاء بين الدّم حيضاً أن لا يجاوز خمسة عشر يوماً ولا ينقص مجموع الدّماء عن أقلّ الحيض‏,‏ وأن يكون النّقاء زائداً على الفترات المعتادة بين دفعات الحيض‏,‏ فإنّ تلك حيض قطعاً‏.‏

وذهب الحنابلة في مسألة تقطع الدّم إلى أنّ المرأة تغتسل وتصلّي في زمن الطهر حتّى ولو كان ساعةً‏,‏ لقول ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما‏:‏ لا يحل لها إذا رأت الطهر ساعةً إلا أن تغتسل‏.‏

وقال الرّحيبانيّ‏:‏ إنّ الطهر في أثناء الحيضة صحيح تغتسل فيه وتصلّي ونحوه أي تصوم وتطوف وتقرأ القرآن‏,‏ ولا يكره فيه الوطء‏,‏ لأنّه طهر حقيقةً‏.‏

والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏تلفيق ف 4‏,‏ 5‏)‏‏.‏